فصل: باب الثاء مع الطاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 حرف الثاء

 باب الثاء مع الهمزة

‏{‏ثأب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <التَّثَاؤب من الشيطان> التَّثاؤب معروف، وهو مَصْدر تثَاءب، والاسم الثُّؤَبَاء، وإنَّما جعله من الشيطان كَراهَةً لَه لأنه يكون مع ثِقَل البَدن وامْتِلائه واسْتِرخائه ومَيْلِه إلى الكَسل والنَّوم، فأضافه إلى الشيطان لأنه الذي يدعُو إلى إعطاء النَّفْس شَهْوَتَها، وأراد به التَّحْذيرَ من السَّبب الذي يتَولَّد منه وهو التَّوسُّع في المطْعَم والشِّبَع فَيَثْقُل عن الطاعات، ويكْسَل عن الخيرات‏.‏‏{‏ثأج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا تأتي يوم القيامة وعلى رقَبتك شاة لها ثُؤاج> الثُّؤاج بالضَّم‏:‏ صوت الغنَم‏.‏

ومنه كتاب عمير بن أفْصَى <إنَّ لهم الثَّائجة> هي التي تُصَوّت من الغنم‏.‏ وقيل هو خاص بالضَّأن منها‏.‏

‏{‏ثأد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <قال في عام الرَّمَادة: لقد هَممْت أن أجعل مع كل أهل بيت من المسلمين مثْلهم، فإنَّ الإنسان لا يَهْلِك على نِصْف شِبَعه، فقيل له: لو فعلْت ذلك ما كنت فيها بابْن ثَأدَاء> أي ابن أمَة، يعني ما كنت لئيما‏.‏ وقيل ضعيفا عاجزا ‏(‏زاد الهروي‏:‏ وقيل من الثأد، وهو الطين المبتل‏.‏ يقال‏:‏ ثئد بالرجل مكانه، وتئد بالبعير مبركه‏:‏ إذا ابتل وفسد عليه‏.‏ قال سويد‏:‏

هل سُوَيْدٌ غيرُ ليثٍ خادِرٍ ** ثَئِدَتْ أرضٌ عليهِ فانتجعْ‏)‏‏.‏

‏{‏ثأر‏}‏ * في حديث محمد بن مسلمة يوم خيبر <أنَا لَهُ يا رسول اللّه المَوْتُور الثَّائر> أي طالب الثأر، وهو طالب الَّم‏.‏ يقال ثَأرْت القَتِيلَ، وثأرتُ به فأنا ثائر‏:‏ أي قَتَلْت قاتِله‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <يَا ثَارَاتِ عُثمان> أي يا أهل ثَارَاتِه، ويا أيها الطالبون بدمه، فحذف المضاف، وأقام المضافَ إليه مُقامه‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ يَا ثَارَاتِ فُلان‏:‏ أي يا قَتَلَة فلان، فعلى الأوّل يكون قد نادَى طالبي الثّأر ليُعِينُوه على اسْتِيفائه وأخْذه، وعلى الثاني يكون قَدْ نَادَى القَتَلة تَعْرِيفاً لهم وتَقْرِيعاً وتَفْظِيعاً للأمر عليهم، حتى يَجْمَع لهم عند أخْذ الثَّأرِ بين القتْل وبيْن تَعْرِيف الجُرم‏.‏ وتَسْمِيته وقَرْع أسماعِهم به؛ ليَصْدَع قلوبهم فيكون أنْكَى فيهم وأشْفَى للنَّفْس‏.‏

ومنه حديث عبد الرحمن يوم الشُّورَى <لا تَغْمِدوا سيوفكم عن أعدائكم فتُوترُوا ثأركم> الثأر ها هنا العَدوّ؛ لأنه موضع الثأر، أراد أنكم تُمكّنون عدُوّكم من أخذ وَتْرِه عندكم‏.‏ يقال وَتَرتُه إذا أصبتَه بوَتْر، وأوْتَرْته إذا أوجَدْته وَتْره ومكَّنْته منه‏.‏

‏{‏ثأط‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في شعر تُبَّع المروِيّ في حديث ابن عباس‏:‏

فَرأى مَغارَ الشَّمس عنْد غُرُوبها ** في عَيْن ذِي خُلْب وثَأْطٍ حَرْمَدِ

الثَّأط‏:‏ الحمْأة، واحِدَتُها ثأطَة‏.‏ وفي المثَل‏:‏ ثأطَة مُدّت بمَاء، يُضْرب للرجُل يَشْتَدّ حُمقه، فإن الماء إذا زيد على الحَمْأة ازدادَتْ فَسادا‏.‏

‏{‏ثألأ‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في صفة خاتم النبوة <كأنَّه ثآلِيلُ> الثَّآلِيل جَمْع ثُؤلُول، وهُو هذه الحبَّة التي تَظْهر في الجِلد كالحِمَّصَة فما دُونها‏.‏

‏{‏ثأى‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث عائشة تصف أباها رضي اللّه عنهما <ورَأب الثَّأْيَ> أي أصلح الفساد، وأصْل الثَّأيِ‏:‏ خَرْم مَواضع الخَرْز وفسادُه‏.‏

ومنه الحديث الآخر <رَأَب اللّه به الثَّأيَ>‏.‏

 باب الثاء مع الباء

‏{‏ثبت‏}‏ * في حديث أبي قتادة رضي اللّه عنه <فطعنْتُه فأَثْبَتُّه> أي حبَسْتُه وجعلْته ثابتا في مكانه لا يُفارِقه‏.‏

ومنه حديثُ مَشُورَة قُريش في أمْر النبي صلى اللّه عليه وسلم <قال بعضُهم إذا أصبح فأثبِتوه بالوَثَاق>‏.‏

وفي حديث صوم ‏[‏يوم‏]‏ ‏(‏الزيادة من ا‏)‏ الشَّك <ثم جاءه الثَّبَتُ أنه من رمضان> الثَّبَت - بالتحريك - الحُجة والبيّنة‏.‏

ومنه حديث قتادة بن النعمان <بغير بَيّنة ولا ثَبَت> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏ثبج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <خيارُ أمّتي أوّلها وآخرها، وبَيْن ذلك ثَبَج أعْوجُ ليس منك ولسْت منه> الثَّبَج‏:‏ الوَسَط، وما بيْن الكاهل إلى الظهر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه كتابه لوائل <وأنْطُوا الثَّبَجة> أي أعْطُوا الوسَط في الصدقة‏:‏ لا من خيار المال ولا مِن رُذَالَتِه، وألْحَقها تاء التأنيث لانْتِقالها من الأسمِيَّة إلى الوصْفِية‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديثُ عبادة <يُوشك أن يُرَى الرجُل من ثَبَج المسْلمين> أي من وسَطهم ‏.‏ وقيل من سَراتهم وعِلْيَتهِم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث أمّ حَرام <قوم يركبون ثَبَج هذا البحر> أي وسَطه ومُعْظَمه‏.‏

ومنه حديث الزهري <كنْت فاتَحْتُ عُرْوة بن الزبير فَتُقْتُ به ثبَج بَحْر>‏.‏

ومنه حديث عليّ <وعَليكم الرِّوَاقُ المُطَنَّب فاضْرِبُوا ثَبَجه، فإن الشيطان راكِد في كِسْره>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث اللّعان <إن جاءت به أُثَيْبجَ فهو لهلال> تصغير الأثْبَج، وهو النَّاتئ الثَّبَج‏:‏ أي ما بين الكَتِفين والكاهل‏.‏ ورجُل أثبَج أيضا‏:‏ عظيم الجوف‏.‏

‏{‏ثبر‏}‏ * في حديث الدعاء <أعوذ بك من دعوة الثُبُور> هو الهلاك‏.‏ وقد ثَبَر يَثْبُر ثُبُورا‏.‏

فيه <مَن ثابَر على ثِنْتَيْ عشر ركعة من السُّنة> المُثابَرةُ‏:‏ الحِرْص على الفعل والقول، ومُلاَزَمَتُهما‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي موسى <أتَدْرِي ما ثَبر الناسَ> أي ما الذي صدَّهم ومَنَعهم من طاعة اللّه‏.‏ وقيل ما بَطَّأ بهم عنها‏.‏ والثَّبْر‏:‏ الحبْس‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي بُرْدة <قال دخلْت على معاوية حين أصابته قَرْحَة، فَقَال: هلُم يا ابن أخي فانْظُر، فَنَظرْت فإذا هي قد ثَبَرَت> أي انفَتَحَت‏.‏ والثَّبْرة‏:‏ النُّقْرة في الشيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حكيم بن حزام <أن أمّه ولَدته في الكعبة، وأنه حُمل في نِطْع، وأُخذ ما تحت مَثْبِرها فُغسل عند حوض زمزم> المَثْبِر‏:‏ مَسْقَط الوَلد، وأكثر ما يقال في الإبل‏.‏

وفيه ذكر <ثَبِيرة> وهو الجبَل المعروف عند مكة‏.‏ وهو اسم ماء في ديار مُزَيْنة، أقطعه النبي صلى اللّه عليه وسلم شريسَ بن ضمْرة‏.‏

‏{‏ثبط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كانت سوْدة رضي اللّه عنها امرأة ثَبِطَة> أي ثقيلة بطيئة، من التَّثْبيط وهو التَّعويق والشُّغْل عن المراد‏.‏

‏{‏ثبن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <إذا مرّ أحدكم بحائط فليأكلْ منه ولا يَتَّخِذ ثِبَانا> الثّبانُ‏:‏ الوعاء الذي يُحمل فيه الشيء ويوضع بين يدي الإنسان، فإن حُمِل في الحضن فهو خُبْنَة‏.‏ يقال ثَبنَتُ الثَّوب أثْبِنُهُ ثَبْناً وثَباناً‏:‏ وهو أن تعطف ذيل قميصك فتجعل فيه شيئاً تحمله، الواحدة ثُبْنة‏.‏

 باب الثاء مع الجيم

‏{‏ثج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أفضل الحج العَجُّ والثَّجُّ> الثَّجُّ‏:‏ سَيلان دماء الهدْي والأضاحي، يقال ثَجَّه يثُجُّه ثَجًّا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أمّ معبد <فحلَب فيه ثَجًّا> أي لَبناً سائلا كثيرا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث المستحاضة <إنّي أثُجُّه ثجًّا>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وقول الحسن في ابن عباس <إنه كان مِثَجًّا> أي كان يصبُّ الكلام صبًّا، شبَّه فصاحته وغزارة منطقه بالماء المثْجُوج‏.‏ والْمِثَجُّ - بالكسر - من أبنية المبالغة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث رُقَيقة <اكْتَظَّ الوادي بِثَجِيه> أي امتلأ بسَيْله‏.‏

‏{‏ثجر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه أخذ بثُجْرة صبي به جُنُون، وقال اخرج أنا محمد> ثُجْرة النَّحْر‏:‏ وسَطه وهو ما حول الوهْدة التي في اللَّبَّة من أْدَنى الحلق‏.‏ وثُجْرة الوادي‏:‏ وسَطه ومتَّسعُه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الأشَجّ <لا تَثْجُروا ولا تَبْسُروا> الثَّجير‏:‏ ما عُصر من العنب فَجَرت سُلافتُه وبَقِيت عُصارته‏.‏ وقيل الثَّجير‏:‏ ثُفْل البُسْر يُخلَط بالتمر فيُنْتَبذ، فنَهاهم عن انْتباذه‏.‏

‏{‏ثجل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أم معبد <ولم تزْرِ به ثُجْلَة> أي ضِخَمُ بَطْن‏.‏ ورجل أثْجَلُ، ويروى بالنون والحاء‏:‏ أي نُحول ودقَّة‏.‏

 باب الثاء مع الخاء

‏{‏ثخن‏}‏ * في حديث عمر رضي اللّه عنه <في قوله تعالى {مَا كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لهُ أَسْرَى حَتَّى يَثْخِنَ في الْأَرْضِ} ثم أحَلَّ الغنائم> الإثْخَان في الشيء‏:‏ المبالَغة فيه والإكثار منه‏.‏ يقال‏:‏ أثْخَنه المرضُ إذا أُثقله وَوَهَنه‏.‏ والمراد به ها هنا المبالغة في قَتْل الكفَّار‏.‏

ومنه حديث أبي جهل <وكان قد اُثْخِن> أي أثْقِل بالجِراح‏.‏

وحديث علي رضي اللّه عنه <أوْطأكم إثْخان الجرَاحة>‏.‏

وحديث عائشة وزينب رضي اللّه عنهما <لم أنْشَبْهَا حتى أثْخَنْتُ عليها> أي بالَغْتُ في جَوابها وأفْحمتُها‏.‏

 باب الثاء مع الدال

‏{‏ثدن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الخوارج <فيهم رجُل مُثَدَّن اليَدِ> ويروى <مَثْدُون اليَدِ> أي صَغير اليَد مُجْتَمِعُها‏.‏ والمُثَدَّن والمَثْدون‏:‏ النَّقِص الخلْق، ويروى <مُوتَنُ اليَدِ> بالتاء، من أيْتَنَتِ المرأة إذا ولدَت يَتْناً، وهو أن تَخْرُج رِجْلا الولد في الأوّل‏.‏ وقيل المُثَدَّنُ مقلوب ثنَدَ، يُرِيد أنه يُشْبه ثُنْدُوَة الثَّدْي، وهي رأسُه، فقَدّم الدال على النون مثل جَذَب وجَبَذ‏.‏

‏{‏ثدا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الخوارج <ذُو الثُّدَيَّة> هو تَصْغير الثَّدْي، وإنما أدخل فيه الهاء وإن كان الثَّديُ مُذكَّرا، كأنه أراد قِطْعة مِن ثَدْي‏.‏ وهو تصغير الثَّنْدُوة بِحَذْف النون؛ لأنها من تركيب الثَّدْي، وانْقِلابُ الياء فيها واوا؛ لضَمة ما قبلها، ولم يَضُرَّ ارْتِكاب الوزن الشَّاذّ لِظُهور الاشتقاق‏.‏ ويُروى ذُو اليُدَيَّةِ بالياء بدل الثَّاء؛ تَصْغير اليَدِ، وهي مُؤنثة‏.‏

 باب الثاء مع الراء

‏{‏ثرب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا زَنَت أَمة أحَدِكم فلْيَضْرِبْها الحدّ ولا يُثْرّب> أي لا يُوَبّخْها ولا يُقَرّعها بالزّنا بعْد الضَّرب‏.‏ وقيل أراد لا يَقْنَع في عقوبتها بالتَّثْريب، بل يَضْرِبُها الحّدَّ، فإنَّ زِنَا الإمَاء لم يكن عند العرب مكروها ولا مُنكَرا، فأمَرَهم بحدّ الإِماء كما أمرهُم بِحدّ الحرائر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <نَهى عن الصلاة إذا صارت الشمسُ كالأثَارِب> أي إذا تَفَرّقَتْ وخَصَّت موضعا دون موضع عند المغِيب، شبَّهها بالثُّروب، وهي الشَّحْم الرقيق يُغَشّي الكَرِش والأمعاء، الواحِد ثَرْب، وجمعها في القلة أثْرُبٌ‏.‏ والأثارِب‏:‏ جَمْع الجمع‏.‏

ومنه الحديث <إنَّ المنافق يُؤخّر العصْر حتى إذا صارت الشمس كثَرْب البقَرة صَلاها>‏.‏

‏{‏ثرثر‏}‏ * فيه <أبْغَضُكم إليّ الثَّرْثَارُون المُتَفَيْقِهُون> هُم الذين يُكْثِرون الكلام تَكَلُّفاً وخروجا عن الحقِّ‏.‏ والثَّرْثرة‏:‏ كَثْرة الكلام وتَرْدِيدُه‏.‏

‏{‏ثرد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <فضل عائشة على النّساء كفضل الثَّريد على سائر الطَّعام> قيل لم يُرِدْ عَيْن الثرِيد، وإنما أراد الطَّعام المتَّخَذ من اللحم والثَّريد معاً، لأن الثَّريد لا يكون إلا من لحْم غالبا، والعرَب قلما تَجِد طبيخا ولا سِيَّما بلَحْم‏.‏ ويقال الثَّريد أحد اللَّحْمَيْن، بل اللَّذَّةُ والقُوّة إذا كان اللحم نضيجا في المرَقِ أكثر ممَّا يكون في نفس اللحم‏.‏

وفي حديث عائشة <فأخَذَتْ خماراً لها ثَرَدَتْه بزعْفَران> أي صَبَغْته‏.‏ يقال ثوب مثْرُود‏:‏ إذا غُمِس في الصِّبْغ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <كُلْ ما أفْرَى الأوْدَاجَ غيرَ مُثَرِّد> المثرِّدُ الذي يَقْتُلُ بغير ذكاة‏.‏ يقال ثَرَّدْتَ ذبيحتك‏.‏ وقيل اليَّثْرِيد‏:‏ أن تَذْبَح بشيء لا يُسيل الدَّم‏.‏ ويُروى غير مُثَرَّدٍ، بفتح الراء على المفعول‏.‏ والرّوَايَةُ كُلْ، أمْر بالأكْل، وقَدْ رَدّها أبوعُبيد وغيرُه، وقالوا‏:‏ إنَّما هو كُلُّ مَا أفْرَى الأوداج؛ أي كُلّ شيء أفرِى الأوداج، والفَرْيُ‏:‏ القَطع‏.‏

وفي حديث سعيد، وسئل عن بَعير نَحَرُوه بعُود فقال <إن كان مَارَمَوْراً فكُلُوه، وإن ثَرَدَ فَلاَ>‏.‏

‏{‏ثرر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث خزيمة وذكَر السَّنة <غاضَتْ لها الدِّرَّة ونَقَصَتْ لها الثَّرَّة> الثَّرَّة بالفتح‏:‏ كثْرة اللَّبن‏.‏ يقال سحاب ثَرٌّ‏:‏ كثير الماء‏.‏ ونلقة ثَرَّة‏:‏ واسِعَة الإحْليل، وهو مَخْرَج اللَّبن من الضَّرْع، وقد تكسر الثاء‏.‏

‏{‏ثرم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <نهى أن يُضَحَّى بالثَّرْماء> الثرَم‏:‏ سُقوط الثَّنِيَّة من الأسنان‏.‏ وقيل الثَّنِيَّة والرَّبَاعِيَة‏.‏ وقيل أن تَنْقَلع السّنّ من أصلها مُطْلقا، وإنما نهى عنها لنُقْصان أكْلِها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث في صِفَة فرعون <أنه كان أثْرَم>‏.‏

‏{‏ثرا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <ما بَعث اللّه نبيًّا بعدَ لوط إِلا في ثَرْوَة من قوْمه> الثَّرْوَة‏:‏ العَدد الكثير وإنما خَصّ لوطا، لقوله تعالى <لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه قال للعباس رضي اللّه عنه: يَمْلِكُ من وَلَدِك بعَدَد الثُّريَّا> الثُّريَّا‏:‏ النَّجم المعروف، وهو تَصْغِير ثَرْوَى‏.‏ يقال ثَرى القوم يَثْرُون، وأثْرَوا‏:‏ إذا كَثُروا وكَثُرتْ أموالُهم‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ خِلال أنْجُم الثُّريَّا الظاهرة كواكبَ خَفِيَّةً كثيرةَ العَدد‏.‏

ومنه حديث اسماعيل عليه السلام <وقال لأخيه إسْحَاق عليه السلام: إنك أثْرَيْت وَأمْشَيتَ> أي كَثُر ثَراؤك وهو المال، وكَثُرتْ ماشِيَتُك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث أم زَرْع <وأراح عَليَّ نَعَماً ثَريًّا> أي كثيرا‏.‏

وحديث صِلَة الرَّحِم <هي مَثْراة في المال مَنْسأَة في الأثر> مثراة - مفعلة - من الثَّراء‏:‏ الكَثْرَة‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفيه <فأُتِي بالسَّويق فأمَر به فثُرّيَ> أي بُلَّ بالماء‏.‏ ثَرَّى التُّراب يُثرِّيه تَثْريَه‏:‏ إذا رشَّ عليه الماء‏.‏

ومنه حديث علي رضي الله عنه <أنا أعلم بجعفر، إنه إن عَلم ثَرَّاه مرة واحدة ثم أطعمه> أي بله وأطعمه الناس‏.‏

وحديث خبز الشعير <فيَطِير منه ما طار وَما بَقِي ثرَّيْنَاه>‏.‏

وفيه <فإذا كلْبٌ يأكل الثَّرى من العَطَش> أي التُّراب النَّديّ‏.‏

ومنه حديث موسى والخضر عليهما السلام <فبيْنَا هو في مكانٍ ثَرْيَانَ> يقال مكان ثَرْيَان، وأرض ثَرْيَا‏:‏ إذا كان في تُرابهما بلَلٌ ونَدًى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه كان يُقْعِي في الصلاة ويُثَرّي> معناه أنه كان يَضَع يديه في الأرض بين السَّجدتين فلا يُفَارِقان الأرض حتى يُعيد السجدة الثَّانِية، وهو من الثرَى‏:‏ التُّرابِ؛ لأنهم أكثر ما كانوا يُصلُّون على وجْه الأرض بغير حاجز، وكان يَفْعل ذلك حِين كَبِرت سِنُّه‏.‏

‏{‏ثُرَيْر‏}‏ * هو بِضَمّ الثاء وفتح الراء وسكون الياء‏:‏ موضع من الحجاز كان به مال لابن الزبير، له ذكْر في حديثه‏.‏

 باب الثاء مع الطاء

‏{‏ثطط‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أبي رُهْم <سأله النبي صلى اللّه عليه وسلم عمَّن تَخلف من غِفَار، فقال: ما فعَل النَّفَرُ الحُمر الثِّطَاطُ> هي جمْع ثَطّ، وهو الكَوْسَج الذي عَرِيَ وجهُه من الشَّعَر إلاَّ طَاقَاتٍ في أسْفل حنكه‏.‏ ورجُل ثَطٌّ وأثطُّ‏.‏

ومنه حديث عثمان رضي اللّه عنه <وجِيء بِعَامِر بن عبْد قَيْس فرآه أشْغَى ثَطّاً> ويُروى حديث أبي رُهْم <النّطَانط> جمْع نَطْنَاط وهو الطَّويل‏.‏

‏{‏ثطا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه مرَّ بامرأة [سوداء (الزيادة من اللسان وتاج العروس. وستأتي فيما بعد، في <ذأل>‏)‏ ‏]‏ تُرقِّص صَبِيًّا وتقول‏:‏

ذُؤالُ يَا ابْنَ القَرْم يَا ذُؤالَه ** يَمشِي الثَّطَا ويَجْلسُ الْهَبَنْقَعَه

فقال عليه السلام‏:‏ <لا تَقُولي ذُؤال فإنه شَرّ السّباع>‏.‏ الثَّطَا‏:‏ إفراط الْحُمق‏.‏ رجُل ثَطٍ بَيّن الثَّطَاة‏.‏ وقيل‏:‏ يُقال هو يَمْشِي الثَّطَا‏:‏ أي يَخْطو كما يَخطو الصَّبِيُّ أوّلَ ما يَدْرُج‏.‏ والهبَنْقَعَة‏:‏ الأحمَق‏.‏ وذُؤال - تَرْخيم ذُؤالَة - وهو الذئب‏.‏ والقَرْم‏:‏ السّيد‏.‏

 باب الثاء مع العين

‏{‏ثعب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يجيء الشَّهِيدُ يوم القيامة وجُرْحه يَثْعَب دماً> أي يجْري‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <صَلّى وجُرحه يَثْعَب دماً>‏.‏

ومنه حديث سعد <فقطعْتُ نَسَاه فانْثَعَبتْ جَدِيَّةُ الدم> أي سَالَت‏.‏ ويُروى فانْبَعَثَتْ‏.‏

‏{‏ثعْجر‏}‏ * في حديث علي رضي اللّه عنه <يَحْمِلُها الأخْضَر المُثْعَنْجَر> هو أكثر مَوْضع في البَحْر مَاءً‏.‏ والميم والنون زائدتان‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <فإذا عِلمي بالقرآن في علم عليّ كالقَرارة في المثْعَنْجَر> القَرارة‏:‏ الغَدِير الصَّغير‏.‏

‏{‏ثعد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث بكار بن داود <قال: مرَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقَوم يَنالُون من الثَّعْد والحُلْقان وأشْلٍ من لحْم، ويَنَالُون من أسْقية لهم قَدْ عَلاَها الطُّحْلُب، فقال: ثَكِلَتْكُم أمَّهاتُكم، ألهَذا خُلِقْتم؟ ثم أوْ بِهذا أُمِرْتُم؟ ثم جَازَ عَنْهم فنزل الرُّوح الأمين وقال: يا محمدُ ربُّك يُقْرئك السلام ويقول لك: إنّما بَعَثْتك مؤلّفا لأمّتِك. ولم أبعثك مُنَفّرا، ارْجِع إلى عِبادي فقُل لهم فليَعْمَلوا، ولْيُسَدّدُوا، ولْيُيَسِّروا> جاء في تفسيره أنَّ الثَّعْد‏:‏ الزُّبْد، والحُلْقان‏:‏ البُسْر الذي قد أرْطَب بعضُه، وأشْل من لَحْم‏:‏ الخروفُ المشْوِي‏.‏ كذا فسره إسحاق بن إبراهيم القُرشي أحدُ رُواته‏.‏ فأما الثَّعْد في اللغة فهو ما لاَن من البُسْر، واحدته ثَعْدة‏.‏

‏{‏ثعر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يخرج قوم من النار فيَنْبتُون كما تنْبُت الثَّعَارير> هي القِثَّاء الصّغار، شُبّهوا بها لأنّ القِثَّاء بنْمِي سريعا‏.‏ وقيل رؤوس الطَّراثيث تكون بِيضاً، شُبّهوا ببياضهَا، واحدتها طُرْثُوث، وهو نبْت يؤكل‏.‏

‏{‏ثعع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أتَتْه أمرأة فقالت: إن ابْني به جُنون، فمسح صدره ودعَا له، فَثعَّ ثَعَّةً فخرج من جَوْفِه جَرْوٌ أسْود> الثَّعُّ‏:‏ القَيء‏.‏ والثَّعَّة‏:‏ المرّة الواحِدة‏.‏

‏{‏ثعل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث موسى وشعيب عليهما السلام <ليس فيها ضَبُوب ولا ثَعُول> الثَّعُول‏:‏ الشاة الَّتي لها زيادة حَلَمة، وهو عَيْب، والضَّبوب‏:‏ الضيقة مخرج اللبن‏.‏

‏{‏ثعلب‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث الاستسقاء <اللهم اسْقنا حتى يقوم أبو لُبَابة يسد ثعلبَ مِرْبَدِه بإزاره> المِرْبد‏:‏ مَوْضع يُجفَّف فيه التَّمر، وثَعْلَبُه‏:‏ ثُقْبُه الذي يسيل منه ماء المطر‏.‏

 باب الثاء مع الغين

‏{‏ثغب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عبد اللّه <ما شَبَّهت ما غَبَر من الدنيا إلاَّ بثَغْبِ ذَهب صَفْوُه وبقي كَدَره> الثَّغْب - بالفتح والسكون -‏:‏ الموضع المطمئن في أعلى الجبل يَسْتَنْقِع فيه ماء المطر‏.‏ وقيل هو غَدِير في غِلَظ من الأرض، أو على صخرة ويكون قليلا‏.‏

ومنه حديث زياد <فُثِئت بسُلالة من ماء ثَغْب>‏.‏

‏{‏ثغر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فلما مرَّ الأجل قفَل أهل ذلك الثَّغْر> الثغر‏:‏ الموضع الذي يكون حَدّا فاصلا بين بلاد المسلمين والكفار، وهو موضع المخافة من أطراف البلاد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث فتْح قيْساريَّة <وقد ثَغَروا منها ثَغْرة واحدة> الثَّغرة‏:‏ الثُّلمة‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <تسْتَبق إلى ثُغْرة ثنيَّه>‏.‏

وحديث أبي بكر والنَّسَّابة <أمْكَنْت من سَواء الثُّغْرة> أي وسَط الثغرة، وهي نُقْرة النَّحْر فَوْق الصدر‏.‏

والحديث الآخر <بادِرُوا ثُغْر المسجد> أي طرائفه‏.‏ وقيل‏:‏ ثُغْرة المسجد أعلاه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كانوا يُحبُّون أن يُعَلّموا الصَّبي الصلاة إذا اثَّغر> الاثِّغارُ‏:‏ سقوط سنّ الصَّبي ونَباتُها، والمراد به ها هنا السقوط‏.‏ يقال إذا سَقَطت روَاضع الصَّبي قِيل‏:‏ ثُغِرَ فهو مَثْغُور، فإذا نَبتَت بعد السقوط قيل‏:‏ اثَّغَر، واثَّغَر بالثَّاء تقديره اثْتَغر، وهو افتعل، من الثَّغَر وهو ما تقدَّم من الأسنان، فمنهم من يقْلب تَاء الافْتعال ثاء ويُدْغِم فيها الثَّاء الأصلية، ومنهم من يَقْلب الثاء الأصلية تَاء ويدغمها في تاء الافْتِعال‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه <ليس في سنّ الصَّبي شيء إذا لم يَثَّغِرْ> يريد النَّبَات بعد السُّقوط‏.‏

وحديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أفْتِنَا في دابة تَرْعى الشَّجر في كَرِشٍ لم تَثَّغِرْ> أي لم تَسْقط أسنانُها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الضحاك <أنه وُلد وهو مُثَّغِر> والمراد به ها هنا النَّبات‏.‏

‏{‏ثغم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أتى بأبي قُحافة يوم الفَتح وكأنّ رأسه ثَغَامة> هو نبْت أبيضُ الزَّهْر والثمر يشَبَّه به الشَّيْب‏.‏ وقيل هي شجرة تَبْيَضُّ كأنها الثَّلْجُ‏.‏‏{‏ثغا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الزكاة وغيرها <لا تَجيء بشَاة لها ثغَاء> الثُّغاء‏:‏ صِياح الغَنم‏.‏ يقال ماله ثَاغِية‏:‏ أي شيء من الغنم‏.‏

ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه <عَمدتُ إلى عَنْز لأذْبَحها فثغتْ، فسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثُغْوَتها فقال: لا تقْطع دَرًّا ولا نَسْلا> الثّغْوة‏:‏ المرّة من الثغاء‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

 باب الثاء مع الفاء

‏{‏ثفأ‏}‏ ‏(‏س‏[‏ه‏]‏‏)‏ فيه <مَاذَا في الأمرّين من الشفاء؟ الصَّبِر والثُّفَّاء> الثُّفَّاء‏:‏ الْخَرْدَل‏.‏ وقيل الْحُرْفُ، ويُسَمّيه أهل العراق حَبَّ الرَّشاد، الواحدة ثُفَّاءة‏.‏ وجعَلَه مُرًّا للحُرُوفة التي فيه ولَذْعِه للّسان‏.‏

‏{‏ثفر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه أمر المسْتَحاضة أن تَسْتَثْفِر> هو أن تَشُدّ فرجها بخرقة عريضة بعد أن تَحْتَشي قُطْنا، وتُوثِقَ طرَفَيْها في شيء تَشُدّه على وسَطها، فتمنع بذلك سَيْل الدَّم، وهو مأخوذ من ثَفَرِ الدَّابة الذي يُجْعل تحت ذَنَبها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن الزبير رضي اللّه عنه في صفة الجنّ <فإذا نَحْنُ برجال طِوَال كأنهم الرّماح، مُسْتَثْفِرين ثيَابَهُم> هو أنْ يُدْخل الرجلُ ثوبه بين رجْليه كما يَفْعَل الكَلب بذَنَبه‏.‏

‏{‏ثفرق‏}‏ * في حديث مجاهد <إذا حضر المساكينُ عِند الجِداد ألْقى لهم من الثفَاريق والتمر> الأصل في الثفَاريق‏:‏ الأقماعُ التي تلْزق في البُسر، واحِدها ثُفْرُوق، ولم يُردها ها هنا وإنما كنَى بها عن شيء من البسر يُعْطَوْنه‏.‏ قال القُتَيبي ‏:‏ كأنّ الثُفْروق - على مَعنى هذا الحديث - شُعبةٌ من شِمْراخ العِذْق‏.‏

‏{‏ثفل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في غزوة الحدَيْبة <من كان معه ثُفْلٌ فلْيَصطنع> أراد بالثفل الدَّقيقَ والسَّويق ونَحوَهُما والاصْطِناع اتخاذ الصَّنيع‏.‏ أرَاد فَلْيَطْبُخْ وَلْيَخْتَبِز‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه كلام الشافعي رضي اللّه عنه <قال: وبَيّنَ في سُنته صلى اللّه عليه وسلم أن زكاة الفِطْر من الثفل مما يَقتات الرَّجُل وما فيه الزكاة> وإنما سمي ثفلاً لأنه من الأقْوات التي يكون لها ثفل، بخلاف الْمَائعات‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه كان يحب الثُّفْل> قيل هو الثرِيد ‏(‏جاء في الدر النثير‏:‏ قال الترمذي في الشمائل‏:‏ يعني ما بقي من الطعام‏)‏ وأنشد‏:‏

يَحْلِفُ باللّه وَإنْ لم يُسْئلِ ** مَا ذاق ثُفْلا مُنْذُ عام أوّلِ

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث حذيفة، وذكر فِتنة فقال‏:‏ <تكون فيها مِثلَ الجمل الثَّفال، وإذا أُكرِهت فتباطأْ عنها> هو البطيء الثقيل‏.‏ أي لا تتحرك فيها‏.‏ وأخرجه أبو عبيد عن ابن مسعود رضي اللّه عنه‏.‏ ولعلهما حَدِيثان‏.‏

ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه <كنت على جمل ثَفال>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه <وتَدُقّهم الفتن دقَّ الرَّحا بثِفالها> الثفال - بالكسر - جلدة تُبْسَط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق، ويُسَمى الحجر الأسفلُ ثفالاً بها‏.‏ والمعنى‏:‏ أنها تدقهم دقَّ الرَّحا للحَبّ إذا كانت مُثَفَّلة، ولا تُثَفَّل إلا عند الطَّحْن‏.‏

ومنه حديثه الآخر <اسْتَحار مَدارُها، واضْطَربَ ثِفَالُها>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه غَسل يدَيْه بالثّفَال> هو - بالكسر والفتح - الإبريق‏.‏‏{‏ثفن‏}‏ * في حديث أنس رضي اللّه عنه <أنه كان عند ثَفِنَة ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام حَجة الودَاع> الثَّفِنَة - بكسر الفاء - ما وَلِيَ الأرض من كل ذات أرْبع إذا بَرَكَت، كالرُّكْبتين وغيرهما، ويحصل فيه غِلظ من أثَر البُروك‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما في ذكر الخوارج <وأيديهم كأَنَّها ثَفِنُ الإبل (يصفهم بكثرة الصلاة. ولهذا قيل لعبد اللّه بن وهب رئيسهم <ذو الثفنات> لأن طول السجود أثر في ثفانته‏.‏ ‏(‏القاموس - ثفن> > هو جَمْع ثَفِنَة، وتُجمع أيضاً ثَفِنَات‏.‏

‏(‏س‏[‏ه‏]‏‏)‏ ومنه حديث أبي الدرداء رضي اللّه عنه <رأى رجلا بين عَيْنَيهِ مثْلُ ثَفِنَة البَعير، فقال: لو لم تكن هذه كان خيْراً> يعني كان على جَبْهَته أثَر السُّجود، وإنما كَرِهَها خَوفا من الرِّياء بِهَا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث بعضهم <فحَمل على الكَتِيبَة فجعَل يَثْفِنُها> أي يَطْرُدها‏.‏ قال الهروي‏:‏ ويجوز أن يكون يَفُنُّها، والفَنُّ‏:‏ الطَّرْد‏.‏

 باب الثاء مع القاف

‏{‏ثقب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الصدّيق رضي اللّه عنه <نحن أثْقَبُ الناس أنْساباً> أي أوضَحُهم وأنْوَرُهم‏.‏ والثُّقِب‏:‏ المُضِيء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه قول الحجاج لابن عباس رضي اللّه عنهما <إن كانَ لَمِثقَباً> أي ثَاقِب العِلْم مُضِيئَه‏.‏ والمِثْقَب - بكسر الميم - العالم الفَطِن‏.‏

‏{‏ثقف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الهجرة <وهو غلام لَقِنٌ ثَقِف> أي ذو فِطْنة وذكاء‏.‏ ورجُل ثَقِفٌ، وثَقُفٌ، وثَقْف‏.‏ والمراد أنه ثابت المعْرفة بما يُحْتَاج إليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أمّ حكيم بنت عبد المطلب <إنّي حَصَان فما أكَلَّم، وثَقَاف فما أُعَلم>‏.‏

وفي حديث عائشة، تَصِف أباها رضي اللّه عنهما <وأقام أوَدَه بثِقَافه> الثِّقَاف‏:‏ ما تُقَوَّم به الرّماح، تريد أنه سَوّى عَوَج المسلمين‏.‏

وفيه <إذا ملك اثْنا عشَر من بَني عَمْرو بن كعْب كان الثَّقَفُ والثِّقاف إلى أن تقُوم الساعة> يعني الْخِصَامَ والجِلاَدَ‏.‏

‏{‏ثقل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إني تارك فيكم الثَّقَلَين: كتابَ اللّه وعِتْرتي> سَمَّاهُما ثَقَلين؛ لأنّ الأخْذ بهما والعمَل بهما ثقيل‏.‏ ويقال لكلِّ خطير ‏[‏نفيس‏]‏ ‏(‏الزيادة من ا واللسان والهروي‏)‏ ثَقَل، فسَمَّاهُما ثَقَليْن إعظاماً لِقَدْرِهما وتَفْخيما لشَأنِهما‏.‏

وفي حديث سؤال القَبْر <يسْمعُهما مَن بَين المشْرق والمغرب إلاَّ الثقَلَيْن> الثَّقَلان‏:‏ هما الجنّ والإنسُ؛ لأنَّهما قُطَّان الأرض‏.‏ والثَّقَل في غير هذا‏:‏ مَتاع المسافر‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <بَعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الثَّقَل من جَمْع بلَيْل>‏.‏

وحديث السائب بن يزيد <حُجَّ به في ثَقَل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم>‏.‏

وفيه <لا يَدْخُل النار مَنْ في قلْبه مِثْقال ذرَّة من إيمان> المِثْقال في الأصل‏:‏ مِقْدَارٌ من الوَزْن، أيَّ شيء كان من قَلِيل أو كثير، فمعْنى مِثْقال ذرَّة‏:‏ وزْن ذرَّة‏.‏ والناس يُطْلقونه في العُرف على الدّينار خاصَّة، وليس كذلك‏.‏

 باب الثاء مع الكاف

‏{‏ثكل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه قال لبعض أصحابه: ثَكِلَتْك أمُّك> أي فَقَدَتْك‏.‏ والثُّكْل‏:‏ فقْد الوَلَد‏.‏ وامرأة ثَاكِل وثَكْلَى‏.‏ ورجُل ثَاكِل وَثثْكَلان، كأنه دَعَا عليه بالموتِ لسوء فِعْله أو قوله‏.‏ والموت يَعُمُّ كلَّ أحد، فإذَنْ الدعاء عليه كَلاَ دُعَاء، أو أرادَ إذا كُنْت هكذا فالموت خيرٌ لك لئلا تَزْدَادَ سُوءا، ويجوز أن يكون من الألفاظ التي تَجْري على ألسِنة العرب ولا يُرادُ بها الدُّعاء، كقولهم تَرِبَتْ يدَاك، وقاتَلك اللّه‏.‏

ومنه قصيد كعب بن زهير‏:‏

قامَتْ فجَاوَبهَا نُكْدٌ مثَاكِيلُ*

هُنّ جَمْع مِثْكَال، وهي المرأة التي فَقَدت ولَدها‏.‏

‏{‏ثكم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ سلمة رضي اللّه عنها <قالت لعثمان بن عفَّان رضي اللّه عنه: تَوَخَّ حيْث تَوَخَّى صاحِباك، فإنّهُما ثَكَما لَك الحقَّ ثَكْماً> أي بَيَّنَاه وأوضَحَاه‏.‏ قال القُتَيْبي‏:‏ أرادَت أنَّهُما لَزِمَا الحَقَّ ولم يَظْلِما، ولاَ خَرجا عن المحجَّة يمِيناً ولاَ شِمَالا‏.‏ يقال ثَكِمْتُ المَكَان والطَّرِيق‏:‏ إذا لَزِمْتَهُما‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث الآخر <إنّ أبا بكر وعمر رضي اللّه عنهما ثَكَما الأمْر فلم يَظْلِمَا> قال الأزهري‏:‏ أرادَ رَكِبَا ثَكَم الطَّريق، وهو قَصْده‏.‏

‏{‏ثكن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يُحشر النَّاسُ على ثُكَنِهم> الثُّكْنَة‏:‏ الراية والْعَلاَمة، وجمعها ثُكَن‏.‏ أي عَلى مَا ماتُوا عليه، وأُدْخلوا في قُبورهم من الخَيْر والشّرّ‏.‏ وقيل‏:‏ الثُّكَن‏:‏ مَرَاكِزُ الأجْناد ومُجْتَمَعُهم عَلى لوَاء صاحبهم‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <يَدْخل البَيْتَ المعْمُور كُلَّ يوم سَبْعُون ألْفَ مَلَك على ثُكَنِهم. أي بالرَّايات والعَلاَمات.

(ه) وفي حديث سَطِيح:

كأنَّما حُثْحِث من حِضْنَيْ ثَكَنْ (صدر البيت كما في اللسان:

تلفّهُ في الريحِ بَوْغاءُ الدِّمنْ*)*

ثَكَن بالتحريك: اسم جبل حجازي.

 باب الثاء مع اللام

‏{‏ثلب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لَهُمْ من الصَّدَقة الثِّلْبُ والنَّاب> الثِّلْبُ من ذكور الإبل‏:‏ الَّذي هَرِم وتَكَسَّرَت أسْنَانُه‏.‏ والنَّاب‏:‏ المُسِنَّة من إناثها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن العاص <كَتب إلى معاوية: إنَّك جَرَّبْتَني، فَوَجَدْتني لسْتُ بالغُمْر الضَّرَع، ولا بالثِّلْب الفاني> الغُمْر‏:‏ الجاهل، والضَّرَع‏:‏ الضَّعيف‏.‏

‏{‏ثلث‏}‏ * فيه <لكن اشْرَبوا مَثْنَى وثُلاَثَ وسَمُّوا اللّه تعالى> يُقال فَعَلتُ الشيء مَثْنَى وثُلاَث ورُباعَ - غير مَصْرُوفات - إذا فَعلْتَه مرَّتين مرَّتَين، وثَلاثاً ثَلاثاً، وأرْبعاً أرْبعا‏.‏

وفيه <دِيَةُ شِبْهِ العَمْد أثْلاثاً> أي ثَلاثٌ وثَلاثون حِقَّة، وثلاث وثلاثون جَذَعة، وأربع وثلاثون ثَنِيَّة‏.‏

وفي حديث قل هو اللّه أحد <والَّذي نَفْسي بيَده إنها لتَعْدِل ثُلث القرآن> جعَلها تَعْدل الثُّلث؛ لأن القرآن العزيز لا يَتجاوز ثَلاثة أقسام، وهي‏:‏ الإرْشاد إلى معْرفة ذات اللّه تعالى وتَقْديسه، أو معْرفة صِفَاتِه وأسْمَائِه، أو معرفة أفعاله وسُنَّته في عباده‏.‏ ولمَّا اشْتَملتْ سورة الإخلاص على أَحد هذه الأقسام الثلاثة، وهو التَّقْديس، وَازَنَها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بثُلث القرآن، لأن مُنْتَهى التقديس أن يكون واحِداً في ثلاثة أمور‏:‏ لا يكون حاصلا منه مَن هُو من نَوْعه وَشبهِه، ودَل عليه قوله‏:‏ لم يَلِدْ‏.‏ ولا يكون هو حاصلا ممَّن هو نظيره وشبهُه، ودل عليه قوله‏:‏ ولم يُولَدْ‏.‏ ولا يكون في درَجته - وإن لم يكن له أصْلاً ولا فرْعا - مَن هُو مثْلُه، ودل عليه قوله‏:‏ وَلم يكُن لهُ كُفُواً أحدٌ‏.‏ ويَجمَع جميعَ ذلك قولُه‏:‏ قل هو اللّه أحَدٌ‏.‏ وجُمْلَتُه‏:‏ تفصيلُ قولك‏:‏ لا إله إلا اللّه‏.‏ فهذه أسرار القرآن‏.‏ ولا تتَناهَى أمثالُها فيه‏.‏ ولا رطْبٌ ولا يابس إلاّ في كتاب مبين‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث كعب <أنه قال لعُمر رضي اللّه عنه: أنْبئني ما المُثَلِّث؟ فقال: وما المُثَلِّث لا أبَا لَك؟ فقال: شرُّ الناس المُثَلِّثُ> يعني السَّعي بأخيه إلى السلطان، يُهْلِك ثَلاثَةً؛ نَفْسَه، وأخاه، وإمامَه بالسَّعي فيه إليه‏.‏

وفي حديث أبي هريرة <دعاه عمر رضي اللّه عنه إلى العمَل بعْد أن كان عزَله، فقال: إنِّي أخاف ثلاثاً واثْنَتين، قال: أفَلا تقول خمْسا؟ فقال: أخاف أن أقولَ بغير حُكْم، وأقْضي بغير عِلْم. وأخاف أن يُضرب ظهري، وأن يُشْتم عرْضي، وأن يؤخذ مالي> الثَّلاث والاثنتان هذه الخِلال الخَمْسُ التي ذكرها، وإنّما لم يقل خَمْسا؛ لآن الخَلَّتين الأولَيَيْن من الحَقّ عليه، فخاف أن يُضَيّعه، والخِلال الثلاث من الحقّ له، فخاف أن يَظْلمَه، فلذلك فَرّقَها‏.‏

‏{‏ثلج‏}‏ * في حديث عمر رضي اللّه عنه <حتى أتاه الثَّلَج واليَقين> يقال ثَلِجتْ نَفْسي بالأمرِ تَثْلَج ثَلَجاً، وثَلَجت تَثْلُج ثُلوجاً إذا اطْمأنت إليه وسكّنت، وثَبَت فيها ووثِقَتْ به‏.‏

ومنه حديث ابن ذي يزن <وثَلَج صَدْرُك>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث الأحوص <أعْطِيك ما تَثْلُج إليه>‏.‏

وفي حديث الدعاء <واغْسِلْ خَطايايَ بماء الثَّلْج والبَرَد> إنما خصَّهُما بالذكر تأكيداً للطَّهارة ومبالغَة فيها؛ لأنهما ما آن مَفْطُورَان على خِلْقَتِهما، لم يُسْتَعْمَلاَ ولم تَنَلْهُما الأيدي، ولم تخُضْهُما الأرجُل كسائر المِياه التي خَالطَت التُّراب، وجَرت في الأنهار، وجُمعت في الحياض، فكانا أحَقَّ بكمال الطهارة‏.‏

‏{‏ثلط‏}‏ * فيه <فبَالَتْ وثَلَطَتْ> الثَّلْط‏:‏ الرّجِيع الرَّقِيق، وأكثر ما يُقال للإبِل والبَقَر والفِيَلة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <كانوا يَبْعَرون وأنْتُم تَثْلِطُون ثَلْطا> أي كانوا يَتَغَوّطون يابسا كالبَعَر؛ لأنهم كانوا قَلِيلِي الأكْل والمآكِل، وأنتم تَثْلِطون رَقيقا، وهو إشارة إلى كَثْرة المآكل وتَنَوُّعها‏.‏

‏{‏ثلغ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذَن يَثْلَغُوا رَأسي كما تُثْلَغ الخُبْزة> الثَّلْغ‏:‏ الشَّدْخ‏.‏ وقيل هو ضَرْبُك الشَّيء الرَّطْبَ بالشيء اليابس حتى يَنْشَدِخ‏.‏

ومنه حديث الرؤيا <وإذا هو يَهوِي بالصخرة فيثْلَغ بها رأسَه>‏.‏‏{‏ثلل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا حِمًى إلاَّ في ثلاث: ثَلة البِئر، وطِوَل الفَرس، وحَلْقة القَوم> ثَلَّة البِئر‏:‏ هَو أن يَحْتَفِر بئرا في أرض ليْسَت مِلْكا لأحَد، فيكون له من الأرض حَوْل البئر ما يكون مُلْقًى لثَلَّتِها، وهو التُّراب الذي يُخْرَج منها، ويكون كالحريم لها لا يدْخل فيه أحد عليه‏.‏

وفي كتابه لأهل نَجْرَان <لهم ذمَّة اللّه وذمَّة رسوله على دِيارهم وأموالهم وثُلَتِهم> الثُّلَّة بالضَّم‏:‏ الجماعة من الناس‏.‏

وفي حديث معاويَة <لم يكُن أمُّه بِرَاعِيةِ ثَلَّة> الثَّلَّة بالفتح‏:‏ جماعة الغَنم‏.‏

ومنه حديث الحسن رضي اللّه عنه <إذا كانت لليَتِيم ماشِيةٌ فلِلَوَصِيّ أن يُصِيب من ثَلّتِها ورِسْلها> أي من صُوفها ولَبنها، فسَمَّى الصُّوفَ بالثَّلَّة مجازا‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <رُئِيَ في المنام وسُئل عن حاله فقال: كادَ يُثَلُّ عَرْشي> أي يُهْدَم ويُكْسر، وهو مَثَلٌ يُضْرب للرجُل إذَا ذَل وهلَك‏.‏ ولِلْعَرش هنا مَعْنيان‏:‏ أحدُهما السَّرير، والأسِرَّة للملُوك، فإذَا هُدِم عَرْش الملك فقد ذَهَب عِزُّه‏.‏ والثاني البيت يُنْصَب بالعِيدانِ ويُظَلّل، فإذا هُدِم فَقَد ذَلَّ صاحبُه‏.‏

‏{‏ثلم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <نَهى عن الشُّرب من ثُلْمة القَدح> أي مَوْضع الكَسْر منه‏.‏ وإنما نَهى عنه لأنَّه لا يتَماسَك عليها فَمُ الشَّارب، ورُبَّما انْصَبَّ الماء على ثوبه وبَدنه‏.‏ وقيل‏:‏ لأنَّ موضعها لا يَنالُه التَّنظِيف التَّامُّ إذا غُسِل الْإناء‏.‏ وقد جاء في لفظ الحديث <إنه مَقْعَد للشيطان> ولعلّه أراد به عدم النظافة‏.‏

 باب الثاء مع الميم

‏{‏ثمد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث طَهْفَة <وافْجُر لهُم الثَّمَد> الثمد بالتحريك‏:‏ الماء القليل، أي افْجُره لهم حتى يَصير كثيرا‏.‏

ومنه الحديث <حتَّى نَزل بأقْصَى الحُدَيْبِية على ثمد>‏.‏

‏{‏ثمر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا قَطْع في ثَمر ولا كَنَر> الثمر‏:‏ الرُّطَب، ما دام في رأس النخلة، فإذا قطع فهو الرُّطب، فإذا كُنِزَ ‏(‏في الأصل واللسان‏:‏ <كبر>‏.‏ تصحيف، والمثبت من ا والهروي‏.‏ قال في القاموس‏:‏ وزمن الكناز - ويكسر - أوان كنز الثمر‏)‏ فهو التَّمر‏.‏ والكَنَر‏:‏ الجُمَّار‏.‏ وواحد الثَّمر ثَمَرة، ويَقَع على كلّ الثّمار، ويَغْلب عَلَى ثمر النَّخْل‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <زاكياً نبْتُها، ثامِراً فَرْعُها> يقال شجَر ثامِرٌ إذا أدْرَك ثَمرُه‏.‏

وفيه <إذا مات ولدُ العبد قال اللّه لملائكته: قبضْتم ثَمرة فؤاده؟ فيقولون نعم> قيل للولَد ثَمرة لأن الثَّمرة ما ينْتجُه الشجر، والولد ينتجه الأبُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمرو بن مسعود <قال لمعاوية: ما تَسْأل عمَّن ذَبُلَتْ بَشَرتُه، وقُطعَت ثمرتُه> يعني نَسْلَه‏.‏ وقيل انْقطاع شَهْوة الجماع‏.‏

وفي حديث المُبَايعة <فأعْطَاه صَفْقَة يده، وثَمرة قلْبه> أي خَالص عهْده‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنه <أنه أخَذ بثَمرة لِسانه> أي بِطَرَفه‏.‏

ومنه حديث الحدّ <فأُتِيَ بسَوط لم تُقْطع ثَمرتُه> أي طَرَفه الذي يكُون في أسْفَله‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <أنه أَمر بِسَوْط فدُقَّتْ ثَمرته> وإنّما دَقَّها لِتَلينَ، تَخْفِيفا على الذي يَضْرِبُه به‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث معاوية رضي اللّه عنه <قال لِجارِيَة: هل عندك قِرًى؟ قالت: نَعَم، خُبز خَمِير، وَلَبنٌ ثَمِيرٌ، وحَيْسٌ جَمير> الثَّمِير‏:‏ الذي قَدْ تَحَبَّبَ زُبْدَه فيه، وظَهَرَت ثمِيرَته‏:‏ أي زُبْدُه‏.‏ والجَمِير‏:‏ المجْتَمِع‏.‏

‏{‏ثمغ‏}‏ في حديث صدقة عمر رضي اللّه عنه <إنْ حَدَث به حدثٌ إنَّ ثَمْغاً وَصِرْمَة ابنِ الأكْوَع وكذَا وكَذا جَعَله وَقْفاً>‏.‏ هُمَا مَالاَنِ معرُوفان بالمدِينَة كانا لِعُمَر بن الخطاب رضي اللّه عنه فوقَفَهُما‏.‏‏{‏ثمل‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ في حديث أم مَعْبَد <فحلب فيه ثَجًّا حتى عَلاَه الثُّمَال> هُوَ بالضَّم‏:‏ الرَّغْوة، واحِده ثُمَالَة‏.‏

وفي شعر أبي طالب يمدح النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏

وأبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بوَجْهِه ** ثِمَالُ اليَتَامى عِصْمةٌ للاْرَامِل

الثِّمال - بالكسر - المَلْجأ والغِيَاث‏.‏ وقيل‏:‏ هو المُطْعِم في الشِّدَّة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <فإنَّها ثِمَال حَاضِرَتِهم> أي غياثُهم وعِصْمَتُهم‏.‏

وفي حديث حمزة رضي اللّه عنه وشَارِفَيْ عليّ رضي اللّه عنه <فإذاحَمْزةُ ثَمِلٌ مُحْمرَّة عَيْناه> الثَّمِلُ الذي أخَذ منه الشَّرابُ والسُّكْرُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث تزْوِيج خديجة <أنَّها انْطَلَقَتْ إلى أبيها وهُو ثَمِلٌ> وقد تكرر في الحديث‏.‏‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه طَلَى بعيراً من إبل الصَّدقة بِقَطِرَان، فقال له رجل لو أمَرْت عبْدا كَفَاكَهُ! فضَرَب بالثَّمَلة في صدره وقال: عبْدٌ أعْبد منّي! > الثَّمَلة بفتح الثاء والميم‏:‏ صُوفة، أو خِرْقة يُهْنَأُ بِهَا البَعير، ويُدْهَن بها السِّقاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديثه الآخر <أنه جاءته امْرأة جَلِيلَة، فحَسَرت عن ذِرَاعَيْهَا وقالت: هذا من احْتِراش الضِّبَاب، فقال: لو أخَذْت الضَّبَّ فوَرَّيْتِه، ثم دَعَوْت بِمكْتفة فثَمَلتِه كان أشْبَعَ> أي أصْلَحتِه‏.‏

وفي حديث عبد الملك <قال للحَجَّاج: أما بعدُ فقد ولَّيْتُك العِرَاقَين صَدْمةً، فسِرْ إليْها مُنْطويَ الثَّمِيلَة> أصْل الثَّمِيلَة‏:‏ ما يَبْقى في بطْن الدَّابة من العَلف والماء، وما يَدّخِره الإنسان من طَعام أو غيره، وكلُّ بقية ثميلةٌ‏.‏ المعنى‏:‏ سِرْ إليها مُخِفًّا‏.‏‏{‏ثمم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عروة <وذكر أُحَيْحَة بنَ الجُلاح وقَول أخْواله فيه: كُنَّا أهل ثُمِّه ورُمِّه> قال أبو عبيد‏:‏ المحدِّثون يروُونه بالضَّم، والوجْهُ عندي الفَتْح، وهو إصْلاح الشيء وإحكامه، وهو والرَّمُّ بمعنى الإصلاح‏.‏ وقيل‏:‏ الثَّم قماش البَيت، والرَّمُّ مَرَمَّة البيت‏.‏ وقيل‏:‏ هما بالضَّم مَصْدَران، كالشُّكْر، أو بمعنى المفعول كالذُّخْر‏:‏ أي كُنَّا أهلَ تَربِيَتِه والمُتَوَلّين لإصلاح شأنه‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <اغْزُوا وَالغَزو حُلوٌ خَضِر قَبْل أن يصير ثُمَاما، ثم رُمَاماً ثم حُطَاما> الثمام‏:‏ نبْت ضعيف قصير لا يَطُول‏.‏ والرُّمام‏:‏ البالي‏.‏ والحُطَام‏:‏ المتَكَسّر المُتَفَتّت‏.‏ المعنى‏:‏ اغْزوا وأنتم تُنْصرون وتُوفِّرُون غنائمكم قبل أن يهن ويَضْعُف ويكون كالثُّمام‏.‏

‏{‏ثمن‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث بناء المسجد <ثَامِنُوني بِحَائطِكم> أي قَرّرُوا معي ثمَنه وبيعُونِيه بالثَّمن‏.‏ يقال‏:‏ ثامَنْتُ الرجُل في المبيع أثامِنه، إذا قاولْتَه في ثمنه وسَاوَمْتَه على بَيْعه واشْتِرائه‏.‏

 باب الثاء مع النون

‏{‏ثند‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم <عارِي الثَّنْدُوَتَين> الثَّنْدُوَتَان للرَّجُل كالثَّدْيَيْن للمرأة، فمن ضمَّ الثاء همز، ومن فَتحها لم يَهْمز، أراد أنه لم يكن على ذلك الموضع منه كَبِيرُ لحْم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عمرو بن العاص <في ألأنْف إذا جُدِع الدّيةُ كامِلَةً، وإن جُدِعت ثَنْدُوَته فَنِصْف العَقْل> أراد بالثَّنْدُوَة في هذا الموضع رَوْثةَ الأنف، وهي طَرَفه ومُقَدّمُه‏.‏

‏{‏ثنط‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث كعب <لمَّا مدّ اللّه الأرض مَادَتْ فثَنَطها بالجبال> أي شَقّها فصارت كالأوتاد لها‏.‏ ويُرْوى بتَقْدِيم النون‏.‏ قال الأزهري‏:‏ <فَرق ابن الأعرابي بين النَّثْط والثَّنْط، فجعل الثَّنْط شَقًّا، والنَّثْط تثقيلا (في اللسان وتاج العروس: إثقالا). وقال وهما حرفان غريبان، فلا أدري أعربيان أم دخيلان> وما جاء إلا في حديث كعب‏.‏ ويُروى بالباء بدل النون، من التَّثْبِيط‏:‏ التعْويق‏.‏

‏{‏ثنن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنّ آمنة أمّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت: لما حَمَلتُ به: ما وَجَدْته في قَطَن ولا ثُنَّةٍ> الثُنَّة‏:‏ ما بين السُّرة والعانة من أسْفل البَطْن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث مقتل حمزة رضي اللّه تعالى عنه <قال وَحْشي: سَدَّدْتُ رُمْحِي لِثُنَّتِه>‏.‏

وحديث فارعة أخت أمَيَّة <فشقَّ ما بين صَدْره إلى ثُنّتِه>‏.‏

وفي حديث فتح نهاوَنْد <وبَلغ الدَّم ثُنَن الخيل> الثنن‏:‏ شَعَرات في مؤخِّرة الحافر من اليَدِ والرجْل‏.‏

‏{‏ثنا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا ثِنَى في الصَّدقة>‏:‏ أي لا تؤخذ مرَّتين في السَّنة‏.‏ والثِّنَى بالكسر والقصر‏:‏ أن يُفْعل الشيء مرّتين‏.‏ وقوله في الصَّدقة‏:‏ أي في أخْذ الصدقة، فحذف المضاف‏.‏ ويجوز أن تكون الصدقة بمعنى التصْديق، وهو أخْذ الصدقة، كالزكاة والذَّكاة بمعنى التزْكِيَة، والتَّذْكية فلا يُحتاج إلى حذف المضاف‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <نَهى عن الثُّنْيا إلا أن تُعْلم> هي أن يُسْتَثْنى في عقد البيع شيء مجهول فيفسد‏.‏ وقيل هو أن يباع شيء جزافا فلا يجوز أن يُسْتَثْنى منه شيء قلَّ أو كَثُر، وتكون الثُّنْيَا في المزَارعة أن يُسْتَثني بعد النصف أو الثلث كَيْلٌ معلوم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من أعْتَق أو طلَّق ثم اسْتَثْنى فله ثُنْيَاه> أي من شَرط في ذلك شرْطا، أو علَّقه على شيء فلَه ما شرط أو اسْتَثْنَى منه، مثل أن يقول‏:‏ طلَّقتها ثَلاثا إلاَّ واحدة، أو أعْتَقْتُهم إلاَّ فُلانا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كان لرجُل ناقَة نَجِيبة فمرِضَت فباعها من رجل واشْتَرط ثُنْيَاها> أراد قوائمها ورأسَها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث كعب‏.‏ وقيل ابن جُبَيْر <الشهداء ثَنيَّة اللّه في الخَلْق> كأنه تأوّل قولَ اللّه تعالى <ونُفِخ في الصُّورِ فصَعِق مَن فِي السَّمواتِ ومَنْ فِي الأرض إلاّ مَنْ شَاء اللّهُ> فالذين اسْتَثْناهم اللّه من الصَّعَق الشُّهداء، وهم الأحياء المرْزُوقون‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <كان يَنْحر بدَنَته وهي باركة مَثْنِيَّة بِثِنَايَيْن> أي مَعْقُولة بعِقالَين، وَيَسَمَّى ذلك الْحبل الثِّنَايَة، وإنَّما لم يقولوا ثِنّاءين بالهمز حمْلا على نظائره، لأنه جبْل واحِد يَشَدُّ بأحَد طرَفيْه يَدٌ وبِطَرَفه الثاني أخْرى، فهُما كالواحد، وإن جاء بلفظ اثْنَيْن، ولا يُفْردُ له واحِد‏.‏ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها تَصِف أباها <فأخذ بِطَرَفَيْه ورَبَّق لكم أثْناءه> أي ما انْثَنَى منه، واحِدها ثِنْيٌ، وهو مَعاطِف الثَّوب وتَضاعِيفه‏.‏

ومنه حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <كان يَثْنِيه عليه أثْنَاء من سَعَته> يعني ثَوبَه‏.‏

وفي صفَته صلى اللّه عليه وسلم <ليس بالطَّويل المُتَثَنّي> هو الذَّاهب طُولا، وأكثر ما يُسْتَعْمَل في طَوِيل لا عَرْض له‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الصلاة <صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى> أي ركعتان ركعتان بتَشهُّد وتَسْليم، فهي ثُنَائيَّة لا رُبَاعيَّة، ومَثْنى مَعْدول من اثْنَيْن اثْنَيْن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عوف بن مالك <أنَّه سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الإِمَارة فقال: أوّلُها ملاَمة، ثِنَاؤها نَدامة، وثِلاثُها عذابٌ يوم القيامة> أي ثانيها وثالثُها‏.‏

‏(‏س‏)‏ومنه حديث الحُدَيْبية <يكون لهمُ بَدْء الفُجُور وثِناهُ> أي أوّلُه وآخره‏.‏

وفي ذكر الفاتحة <هي السَّبع المَثاني> سُمّيت بذلك لأنَّها تُثْنى في كل صلاة‏:‏ أي تُعاد‏.‏ وقيل‏:‏ المثَاني السُّور التي تَقْصُر عن المِئِينِ وتَزِيد عن المُفصَّل، كأنّ المِئين جُعِلت مَبادي، والتَّي تَلِيها مَثَاني‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عمرو <مِن أشراط الساعة أن يُقْرأ فيما بيْنَهم بالمَثْنَاةَ، ليس أحد يُغَيّرها، قيل: وما المَثْناة؟ قال: ما اسْتُكْتب من غير كتاب اللّه تعالى> وقيل إنَّ المَثْنَاةَ هي أنَّ أحبار بَني إسرائيل بَعْد موسى عليه السلام وضَعُوا كتابا فيما بيْنهم على ما أرَادُوا من غير كتاب اللّه، فهو المَثْناة، فكأنّ ابنَ عَمْرو كَره الاخذ عن أهل الكتاب، وقد كانت عنده كُتُب وقَعَت إليه يوم اليَرْموك منهم، فقال هذا لَمعْرِفَته بما فيها‏.‏ قال الجوهري‏:‏ المَثْناة هى الَّتي تَسَمَّى بالفارسية دُوَبَيْتي، وهو الغِنَاء‏.‏

وفي حديث الأضحية <أنه أمر بالثَّنِيَّة من المَعز> الثَّنِيَّة من الغَنم ما دَخل فى السَّنه الثالثة، ومن البَقر كذلك، ومن الإبل فى السادسة، والذَّكر ثَنِيٌّ، وعلى مذهب أحمد ابن حَنْبل‏:‏ ما دخل من المَعز فى الثانية، ومن البقر في الثالثة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من يصْعَدْ ثَنِيَّة المُرَار حُطَّ عنه ما حُط عن بني إسرائيل> الثَّنِيَّة في الجَبل كالعَقَبة فيه، وقيل هُو الطَّرِيق العالي فيه، وقيل أعلى المَسِيل في رأسه‏.‏ والمُرار بالضم‏:‏ موضع بين مكة والمدينة من طرِيق الحُدَيْبية‏.‏ وبعضهم يقوله بالفتح، وإنما حَثَّهم على صُعُودها لأنها عَقَبة شاقَّة وَصَلوا إليْها لَيْلاً حين أرادوا مكة سَنَة الحُديْبية، فرغَّبهم في صعودها‏.‏ والذي حُط عن بني إسرائيل هو ذُنُوبهم، من قوله تعالى <وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ> ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي خطبة الحجاج‏:‏

أنا ابنُ جَلاَ وطلاّعُ الثَّنَايا*

هي جمْع ثَنِيَّة، أنه جَلْد يَرْتَكب الأمور العظام‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الدعاء <من قال عَقيب الصلاة وهو ثانٍ رجْلَه> أي عاطفٌ رجْله في التَّشَهُّد قبل أن يَنْهَض‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <من قال قبل أن يَثْنِي رجْله> وهذا ضدُّ الأوَّل في اللفظ، ومثله في المعنى؛ لأنه أراد قبل أن يَصْرف رجْله عن حالتِها التي هي عليها في التَّشهُّد‏.‏

 باب الثاء مع الواو

‏{‏ثوب‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <إذا ثُوِّب بالصلاة فائتُوها وعليكم السكِينَةُ> التَّثْوِيب ها هنا‏:‏ إقامة الصلاة‏.‏ والأصل في التَّثْويب‏:‏ أن يجيء الرجُل مُسْتَصْرِخاً فيُلَوِّح بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهرَ، فسُمِّي الدعاء تَثْوِيبا لذلك‏.‏ وكلُّ داعٍ مُثَوّبٌ‏.‏ وقيل إنما سُمّي تَثْويبا من ثاب يَثُوب إذا رجع، فهو رُجُوع إلى الأمر بالمُبادرة إلى الصلاة، وأنّ المؤذن إذا قال حيَّ على الصلاة فقد دعاهم إليها، وإذا قال بعدها الصلاة خير من النَّوم فقد رَجَع إلى كلامٍ معناه المبادرة إليها‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث بلال <قال: أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن لا أثَوّب في شيء من الصلاة إلاّ في صلاة الفجر> وهو قوله‏:‏ الصلاة خير من النَّوم، مَرَّتَين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أم سَلَمة رضي اللّه عنها <قالت لعائشة: إنّ عَمُود الدّين لا يُثَابُ بالنساء إِن مال> أي لا يُعاد إلى استِوائه، من ثاب يَثُوب إذا رجَع‏.‏

ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها <فجعل الناس يَثُوبون إلى النبي> أي يَرْجِعُون‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لا أعْرفنّ أحداً انْتَقَص من سُبُل الناس إِلى مَثاباته شيئاً> المثابات‏:‏ جمع مَثابة وهي المنزل؛ لأن أهله يَثُوبُون إليه‏:‏ أي يَرْجعون‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ <وَإذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ> أي مَرْجِعا ومُجْتَمَعا‏.‏ وأراد عمر‏:‏ لا أعْرِفنَّ أحدا اقْتَطع شيئاً من طُرق المسلمين وأدْخَله داره‏.‏

ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها، وقولها في الأحنف <ألِيَ (في ا واللسان: أبي) كان يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفهِه؟

وحديث عمرو بن العاص رضي اللّه عنه <قيل له في مرضه الذي مات فيه: كيف تَجدك؟ قال: أجدُني أذُوب ولا أثُوبُ> أي أضْعُفُ ولاَ أرْجع إلى الصّحَّة‏.‏

وفي حديث ابن التَّيِّهان<أثِيبُوا أخاكم> أي جازوه على صَنيعه‏.‏ يقال‏:‏ أثابه يُثِيبُه إِثابة، والاسم الثَّواب، ويكون في الخَيْر والشَّرّ، إلا أنه بالخير أخصُّ وأكثر استعْمالا‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفي حديث الخُدْرِي <لمَّا حضره الموتُ دَعا بِثِياب جُدُدٍ فلَبسَها، ثم ذكَر النبي صلى اللّه عليه وسلم، أنه قال: إِنَّ الميت يُبْعَث في ثيابه التي يموت فيها> قال الخطابي‏:‏ أمّا أبو سعيد فقد اسْتَعْمل الحديث على ظاهره، وقد رُوى في تَحْسِين الكفن أحاديث، قال وقد تأوّله بعض العلماء على المعنى، وأراد به الحالة التي يموت عليها من الخير والشّر، وعَمله الذي يُخْتم له به‏.‏ يقال فلان طاهر الثياب‏:‏ إذا وصًفوه بطَهارة النَّفْس والْبَراءة من العَيْب‏.‏ وجاء في تفسير قوله تعالى <وثيابَكَ فطهِّرْ> أي عملَك فأصْلح‏.‏ ويقال فلان دَنِس الثّياب إذا كان خبِيث الفِعل والمذهَب‏.‏ وهذا كالحديث الآخر <يُبْعث العبدُ على ما مات عليه> قال الهروي‏:‏ وليس قول من ذَهَب به إلى الأكفان بشيء، لأنَّ الإنسان إنّما يُكَفّن بعد الموت‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <مَن لَبس ثوب شُهْرةٍ ألْبَسه اللّه ثَوْب مَذَلّة> أي يَشْمله بالذُّل كما يَشْمل الثَّوبُ البَدَن، بأن يُصَغِّره في العيون ويُحَقِّره في القلوب‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <المُتَشَبِّع بما لم يُعْطَ كلاَبس ثَوْبَيْ زُورٍ> المُشْكِل من هذا الحديث تَثْنِية الثَّوب، قال الأزهري‏:‏ معناه أن الرجُل يَجْعل لقميصه كُمَّين، أحدهما فوق الآخر ليُرِيَ أن عليه قميصَين، وهما واحِد‏.‏ وهذا إنما يكون فيه أحَد الثَّوبين زُوراً لاَ الثَّوبان‏.‏ وقيل‏:‏ معناه أن العرب أكثر ما كانت تلبس عند الجِدَة والقُدْرة إزاراً وَرِداء، ولهذا حِين سُئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد قال‏:‏ أوَكُلُّكُم يَجِد ثوبين‏؟‏ وفَسَّرَه عمر رضي اللّه عنه بإزارٍ ورِدَاء، وإزارٍ وقميص وغير ذلك‏.‏ وَرُوي عن إسحاق بن راهويه قال‏:‏ سألت أبا الْغَمْر الأعرابي - هو ابن ابْنَة ذي الرُّمَّة - عن تفسير ذلك فقال‏:‏ كانت العرب إذا اجتمعوا في المحافل كانت لهم جماعة يَلْبَس أحدُهم ثوبَين حَسَنَيْن، فإن احتاجوا إلى شهادة شَهِد لَهُمْ بزُور، فَيُمْضون شهادته بِثَوبَيه‏.‏ يقولون‏:‏ ما أحْسنَ ثيابَه‏؟‏ وما أحْسَن هيئته‏؟‏ فيُجيزون شهادته لذلك، والأحْسَن فيه أن يُقال‏:‏ المتَشَبّعُ بما لم يُعْطَ‏:‏ هُو أنْ يقول أعْطِيت كذا، لشيء لم يُعْطَه، فأما إنه يَتَّصِف بصفات ليست فيه، يريد أن اللّه منحه إياها، أو يريد أن بعض الناس وصَلَه بشيء خصَّه به، فيكون بهذا القول قد جَمع بَيْن كَذِبَيْن‏:‏ أحدهما اتّصافه بما ليس فيه وأخْذه ما لم يأخذه، والآخر الكَذب على المعْطِي وهو اللّه تعالى أو الناس‏.‏ وأراد بِثَوْبَيِ الزُّور هذين الحالين اللَّذَين ارتكبَهما واتَّصَف بهما‏.‏ وقد سَبق أن الثوب يُطلق على الصّفة المحمودة والمذمومة، وحينئذ يصح التَّشْبيه في التَّثْنية، لأنه شبّه اثنين باثنين‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

‏{‏ثور‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه أكل أثْوار أَقِط> الأثوار جَمْع ثَور، وهي قِطْعة من الأقِط، وهو لَبَن جامد مُسْتَحْجِر‏.‏

ومنه الحديث <توضّأُوا ممَّا مَسَّت النار من ثَور أقِط> يريدُ غَسْل اليد والفَم منه‏.‏ ومنهم من حمله على ظاهره وأوجب عليه وُضُوء الصلاة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمرو بن معدي كرب <أتيْت بني فلان فأتَوني بِثَوْر وقَوْس وكَعْب> والقَوس‏:‏ بَقِيَّة التَّمر في الجُلَّة، والكَعْب‏:‏ الْقِطْعة من السَّمْن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <صَلُّوا العِشاء إذا سَقَطَ ثَوْر الشَّفَق> أي انتِشاره وثَوَران حُمْرته، من ثار الشيء يَثُور إذا انْتشَر وارْتَفع‏.‏

ومنه الحديث <فرأيت الْمَاء يَثُور من بَيْن أصابعه> أي يَنْبُع بقُوّة وشدّة‏.‏

والحديث الآخر <بل هي حُمَّى تفور أو تَثُور>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <من أراد العلْم فليُثَوّر القرآن> أي ليُنَقِّر عنه ويُفكّر في معانيه وتفسيره وقراءته‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عبد اللّه <أثِيرُوا القرآن فإنّ في عِلْمَ الأوّلين والآخرين>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه كتَب لأهْل جُرَش بالْحِمَى الذي حَماه لهم لِلْفَرس والرَّاحِلة والمُثِيرة> أراد بالمُثِيرة بَقَر الحَرْث، لأنها تُثِير الأرض‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <جا رجل من أهل نجْد ثَائر الرأس يسأه عن الإيمان> أي مُنْتَشر شَعر الرأس قائمه، فحذف المضاف‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <يَقُوم إلى أخيه ثَائراً فَريصته> أي مُنْتَفخ الْفَرِيصة قائمَها غَضَباً‏.‏ والفَرِيصة‏:‏ اللّحْمة التي بين الجنب والكَتِف لا تزال تَرْعُد من الدَّابة، وأراد بهَا ها هنا عصَب الرّقبة وعُروقها، لأنها هي الَّتي تثور عند الغَضَب‏.‏ وقيل‏:‏ أراد شعر الفَريصة، على حذف المضاف‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه حَرَّم المدينة ما بَين عَيْر إلى ثَوْرٍ> هما جبَلان‏:‏ أما عير فجبَل معروف بالمدينة، وأما ثَوْر، فالمعروف أنه بمكة، وفيه الْغار الذي بات به النبي صلى اللّه عليه وسلم لمَّا هاجر، وفي رواية قَليلة <ما بَيْن عَير وأحُدٍ> وأحُدٌ بالمدينة، فيكون ثَور غَلطا من الرّاوي وإن كان هو الأشهر في الرواية والأكثر‏.‏ وقيل إن عَيْرا جبل بمكة، ويكون المراد أنه حَرَّم من المدينة قَدْرَ ما بين عَير وثور من مكة، أو حَرّم المدينة تَحْريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف وَوَصْفِ المصدر المجذوف ‏(‏قال صاحب الدر النثير‏:‏ قلت بل الصواب أن ثورا جبل بالمدينة سوى الذي بمكة، وصغير إلى الحمرة بتدوير خلف أحد من جهة الشمال، نبه عليه جماعة‏.‏ قال في القاموس‏:‏ ما قاله أبو عبيد وغيره من أن ذكر <ثور> هنا تصحيف وأن الصواب إلى <أحد> غير جيد‏)‏‏.‏‏{‏ثول‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه <انْثال عليه الناسُ> أي اجْتَمَعُوا وانْصَبُّوا من كلِّ وَجْه، وهو مُطَاوع ثالَ يَثول ثَوْلاً إذَا صَبَّ ما في الإناء‏.‏ والثَّوْل‏:‏ الجماعة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحسن <لا بأس أن يُضَحّي بالثَّوْلاء> الثَّوَل‏:‏ داء يأخذ الغنم كالجنون يَلتَوي منه عُنُقُها‏.‏ وقيل هو دَاء يأخذُها في ظُهُورها ورُؤوسها فتَخِرُّ منه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن جريح <سأل عَطاء عن مسّ ثُول الإبل فقال لا يُتَوَضأ منه> الثُّول لُغة في الثَّيل، وهو وعَاء قَضِيب الجمل‏.‏ وقيل هو قَضِيبه‏.‏

‏{‏ثوا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في كتاب أهل نَجران <وعلى نَجْرَان مَثْوَى رُسُلي> أي مَسْكنهم مُدّة مُقَامهم ونُزُلهم‏.‏ والمَثْوَى‏:‏ المنزل، من ثَوى بالمكان يَثْوِي إذا أقام فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <أصْلِحوا مثَاوِيَكم> هي جمع المَثْوَى‏:‏ المنزل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديثه الآخر <أنه كُتِب إليه في رجُل قيل له: مَتَى عهْدُك بالنّساء؟ فقال: البارحة، فقيل: بمنْ؟ قال: بأمّ مَثْوايَ> أي رَبَّة المنزل الذي باتَ به ولم يُرِدْ زَوْجَته؛ لأنّ تمام الحديث <فقيل له: أما عَرَفْت أنّ اللّه قد حَرَّم الزّنا؟ فقال: لا>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <أن رجُلا قال تَثَوّيْتُه> أي تَضَيَّفْتُه‏.‏ وقد تكرر ذكر هذا اللفظ في الحديث‏.‏

وفيه <أنَّ رُمْح النبي صلى اللّه عليه وسلم كان اسمه المُثْوِي> سُمِّي به لأنه يُثْبت المطْعُون به، من الثَّوَى‏:‏ الإقامةِ‏.‏

وفيه ذكر <الثُّوَيَّة> هي بضم الثاء وفتح الواو وتشديد الياء، ويقال بفتح الثاء وكسر الواو‏:‏ موضع بالكوفة به قبْر أبي موسى الأشعري، والمُغِيرة بن شعبة رضي اللّه عنهما‏.‏

 باب الثاء مع الياء

‏{‏ثيب‏}‏ * فيه <الثَّيّب بالثَّيّب جَلْدُ مائةٍ ورجْمٌ بالحجارة> الثيّب مَن ليس ببكر، ويقع علي الذكر والأنثى، رَجُل ثُيّب وامرأة ثيب، وقد يُطْلق على المرأة البالغة وإن كانت بكْرا، مجَازا واتّساعا‏.‏ والجمع بين الجَلْد والرَّجْم منسوخ‏.‏ وأصل الكلمة الواو، لأنه من ثاب يَثُوب إذا رَجَع، كأن الثَّيب بصَدَد العوْد والرُّجوع‏.‏ وذكرناه ها هنا حملا على لفظه‏.‏ وقد تكرر ذكره في الحديث‏.‏

‏{‏ثيتل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث النَّخَعِي <في الثَّيْتَل بَقَرَةٌ> الثَّيْتَل‏:‏ الذكر المُسِنّ من الوُعول، وهو التَّيْس الجبلي، يعني إذا صاده المُحرِم وجب عليه بَقَرة فِدَاءً‏.‏